الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{مسوّمة}: معلمة، على كل واحد منها اسم صاحبه.وقيل: معلمة أنها من حجارة العذاب.وقيل: معلمة أنها ليست من حجارة الدنيا، {للمسرفين}: وهم المجاوزون الحد في الكفر.{فأخرجنا من كان فيها}: في القرية التي حل العذاب بأهلها.{غير بيت}: هو بيت لوط عليه السلام، وهو لوط وابنتاه فقط، وقيل: ثلاثة عشر نفسًا.وقال الرماني: الآية تدل على أن الإيمان هو الإسلام، وكذا قال الزمخشري، وهما معتزليان.{وتركنا فيها}: أي في القرية، {آية}: علامة.قال ابن جريج: حجرًا كبيرًا جدًّا منضودًا.وقيل: ماء أسود منتن.ويجوز أن يكون فيها عائدًا على الإهلاكة التي أهلكوها، فإنها من أعاجيب الإهلاك، بجعل أعالي القرية أسافل وإمطار الحجارة.والظاهر أن قوله: {وفي موسى} معطوف على {وتركنا فيها}: أي في قصة موسى.وقال الزمخشري وابن عطية: {وفي موسى} يكون عطفًا على {وفي الأرض آيات للموقنين} {وفي موسى}، وهذا بعيد جدًّا، ينزه القرآن عن مثله.وقال الزمخشري أيضًا: أو على قوله، {وتركنا فيها آية} على معنى: وجعلنا في موسى آية، كقوله:
انتهى.ولا حاجة إلى إضمار {وتركنا}، لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور {وتركنا}.{فتولى بركنه}: أي ازور وأعرض، كما قال: {ونأى بجانبه} وقيل: بقوته وسلطانه.وقال ابن زيد: بركنه: بمجموعه.وقال قتادة: بقومه.{وقال ساحر أو مجنون}: ظن أحدهما، أو تعمد الكذب، وقد علم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقًا.وقال أبو عبيدة: أو بمعنى الواو، ويدل على ذلك أنه قد قالهما، قال: {إن هذا لساحر عليم} و{قال إن رسولكم الذين إرسل إليكم لمجنون} واستشهد أبو عبيدة بقول جرير: ولا ضرورة تدعو إلى جعل أو بمعنى الواو، إذ يكون قالهما، وأبهم على السامع، فأو للإبهام.{هو مليم}: أي أتى من المعاصي ما يلام عليه.{العقيم} التي لا خير فيها، من الشتاء مطر، أو لقاح شجر.وفي الصحيح: نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور.فقول من ذهب إلى أنها الصبا، أو الجنوب، أو النكباء، وهي ريح بين ريحين، نكبت عن سمت القبلة، فسميت نكباء، ليس بصحيح، لمعارضته للنص الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنها الدبور.{ما تذر من شيء أتت عليه}: وهو عام مخصوص، كقوله: {تدمر كل شيء بأمر ربها} أي مما أراد الله تدميره وإهلاكه من ناس أو ديار أو شجر أو نبات، لأنها لم يرد الله بها إهلاك الجبال والآكام والصخور، ولا العالم الذي لم يكن من قوم عاد.{إلا جعلته كالرميم}: جملة حالية، والرميم تقدّم تفسيره في يس، وهنا قال السدّي: التراب، وقتادة: الهشيم، ومجاهد: البالي، وقطرب: الرماد، وابن عيسى: المنسحق الذي لا يرم، جعل الهمزة في أرم للسلب.روي أن الريح كانت تمر بالناس، فيهم الرجل من قوم عاد، فتنزعه من بينهم وتهلكه.{تمتعوا حتى حين}، قال الحسن: هذا كان حين بعث إليهم صالح، أمروا بالإيمان بما جاء به، والتمتع إلى أن تأتي آجالهم، ثم إنهم عتوا بعد ذلك، ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عن ما أمروا به، فهو مطابق لفظًا ووجود.وقال الفراء: هذا الأمر بالتمتع كان بعد عقر الناقة، والحين ثلاثة أيام التي أوعدوا في تمامها بالعذاب.فالعتو كان قد تقدم قبل أن يقال لهم تمتعوا، ولا ضرورة تدعو إلى قول الفراء، إذ هو غير مرتب في الوجود.وقرأ الجمهور: {الصاعقة}؛ وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما، والكسائي: {الصعقة}، وهي الصيحة هنا.وقرأ الحسن: {الصاعقة}؛ وزيد بن علي كقراءة الكسائي.{وهم ينظرون}: أي فجأة، وهم ينظرون بعيونهم، قاله الطبري: وكانت نهارًا.وقال مجاهد: {وهم ينظرون} ينتظرون ذلك في تلك الأيام الثلاثة التي أعلموه فيها، ورأوا علاماته في قلوبهم، وانتظار العذاب أشد من العذاب.{فما استطاعوا من قيام}، لقوله: {فأصبحوا في دارهم جاثمين} ونفي الاستطاعة أبلغ من نفي القدرة.{وما كانوا منتصرين}، أبلغ من نفي الانتصار: أي فما قدروا على الهرب، ولا كانوا ممن ينتصر لنفسه فيدفع ما حل به.وقيل: {من قيام}، هو من قولهم: ما يقوم به إذا عجز عن دفعه، فليس المعنى انتصاب القامة، قاله قتادة.وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: {وقوم} بالجر عطفًا على ما تقدم، أي وفي قوم نوح، وهي قراءة عبد الله.وقرأ باقي السبعة، وأبو عمرو في رواية: بالنصب.قيل: عطفًا على الضمير في {فأخذتهم}؛ وقيل: عطفًا على {فنبذناهم}، لأن معنى كل منهما: فأهلكناهم.وقيل: منصوب بإضمار فعل تقديره: وأهلكنا قوم نوح، لدلالة معنى الكلام عليه.وقيل: باذكر مضمرة.وروى عبد الوارث، ومحبوب، والأصمعي عن أبي عمرو، وأبو السمال، وابن مقسم: وقوم نوح بالرفع على الابتداء، والخبر محذوف، أي أهلكناهم. اهـ.
{إِذْ أرسلناه} قيلَ هُو منصوبٌ بآيةً وَقيلَ بمحذوفٍ أيْ كائنةً وقتَ إرسالِنا وقيلَ بترَكْنا {إلى فِرْعَوْنَ بسلطان مُّبِينٍ} هُو ما ظهرَ عَلى يديهِ منْ المعجزاتِ الباهرةِ {فتولى بِرُكْنِهِ} أيْ فأعرضَ عنِ الإيمانِ بهِ وازورّ كقوله تعالى: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} وقيلَ فتولَّى بما يتقوَّى بهِ منْ مُلْكِه وَعساكِره فإنَّ الركنَ اسمٌ لمَا يركنُ إليهِ الشيءُ وَقُرىءَ برُكُنِهِ بضمِّ الكافِ {وَقال ساحر} أيْ هُو ساحرٌ {أَوْ مَجْنُونٌ} كأنَّه نسبَ ما ظهرَ على يديهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسلام من الخوارقِ العجيبةِ إلى الجنِّ وترددَ في أنَّه حصل باختيارِه وسعيهِ أو بغيرِهما.{فأخذناه وَجُنُودَهُ فنبذناهم في اليم} وفيهِ منَ الدلالةِ عَلى غايةِ عظمِ شأنِ القدرةِ الربانيةِ ونهايةِ قمأةِ فرعونَ وقومِه مَا لاَ يَخْفى {وَهُوَ مُلِيمٌ} أيْ آتٍ بما يلامُ عليه منَ الكفرِ والطغيانِ والجملةُ حالٌ منَ الضميرِ في فأخذنَاهُ {وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم} وصفتْ بالعُقم لأنها أهلكتهم وقطعتْ دابرَهم أوْ لأنَّها لم تتضمنْ خيرًا ما منْ إنشاءِ مطرٍ أو إلقاحِ شجرٍ وهي النكباءُ أو الدبُورُ أو الجنوبُ {مَا تَذَرُ مِن شيء أَتَتْ عَلَيْهِ} أيْ جرتْ عليهِ {إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم} هو كُلُّ ما رَمَّ وَبليَ وتفتت منْ عظمٍ أو نباتٍ أو غيرِ ذلكَ {وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ} وهُو قوله تعالى تمتعُوا في دارِكم ثلاثةَ أيامٍ قيلَ قال لهُم صالحٌ عليهِ السلام تصبحُ وجوهُكُم غدًا مصفرةً وبعدَ غدٍ محمرةً واليومَ الثالثَ مسودةً ثمَّ يصبحكُم العذابُ {فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ} أي فاستكبرُوا عن الامتثالِ بهِ {فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة} قيلَ لمَّا رأَوا العلاماتِ التي بيَّنها صالحٌ عليهِ السلام منَ اصفرارِ وجوهِهم واحمرارِها واسودادِها عمدُوا إلى قتلِه عليهِ السلام فنجاهُ الله تعالى إلى أرضِ فلسطينَ، ولمَّا كانَ ضحوةُ اليومِ الرابعِ تحنطُوا وتكفنُوا بالأنطاعِ فأتتهُم الصيحةُ فهلكُوا وقرىءَ الصَّعقةُ وهيَ المرةُ منَ الصَّعْقِ {وَهُمْ يَنظُرُونَ} إليهَا ويعاينونَها {فَمَا استطاعوا مِن قِيَامٍ} كقوله تعالى: {فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جاثمين} {وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ} بغيرِهم كَما لم يمتنعُوا بأنفسِهم.{وَقَوْمَ نُوحٍ} أيْ وأهلكنَا قومَ نوحٍ فإنَّ ما قبلَهُ يدلُّ عليه أَوْ وَاذكُرْ ويجوزُ أنْ يكونَ معطوفًا على محلِ في عادٍ ويؤيدُه القراءة بالجَرِّ وقيلَ هُو معطوفٌ عَلَى مفعولِ فأخذنَاهُ {مِن قَبْلُ} أيْ منْ قبلِ هؤلاءِ المُهلَكين، {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا فاسقين} خارجينَ عنِ الحدودِ فيمَا كانُوا فيهِ منَ الكفرِ وَالمعاصِي. اهـ.
|